ق قربة الى الله تعالى
ي يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً
ا ادعو يستجب لك، اسأل تعط، استغفر يغفر لك
م مكفرة للسيئات، منهاة عن الإثم، مطردة للداء عن الجسد
الليل .. شرف المؤمن
الله تعالى يدعونا اليه ..
{يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً} {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (المزمل، 1)
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (الزمر، 9)
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً} (الاسراء، 79)
{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الذاريات، 17-18)
{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ..} (آل عمران، 17)
ورسولنا الكريم يحثنا عليه..
{عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد} (صحيح الجامع، 4079)
{إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا آتاه، وذلك كل ليلة} (مسلم)
{ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له} (الشيخان)
{أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن} (الترمذي)
قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: {جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات} (الترمذي وحسَّنه)
وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: {ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه!!} (البخاري)
{أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل} (مسلم).
{كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه..} (البخاري)
{نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل} (الشيخان)
{في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها} فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: {لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام} (أحمد، والطبراني بإسناد حسن، والحاكم، وقال صحيح على شرطهما، وصححه الألباني)
وعن حذيفة قال: {صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث} (مسلم)
{ َأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ، واحب الصيام الى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوما ويفطر يوما} (الشيخان)
{أتاني جبريل، فقال: يا محمد، عش ما شئت فانك ميت، وأحبب من شئت فانك مفارقه، واعمل ما شئت فانك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس} (صححه الحاكم ووافقه الذهبي وحسنه المنذري والالباني)
{ثلاثة يحبهم الله، ويضحك اليهم ويستبشر بهم: الذي اذا انكشفت فئة، قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل، فاما أن يقتل واما أن ينصره الله ويكفيه، فيقول: انظروا الى عبدي هذا، كيف صبر لي بنفسه. والذي له امرأه حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل، فيقول: يذر شهوته ويذكرني، ولو شاء رقد. والذي اذا كان في سفر، وكان معه ركب فسهروا، ثم هجعوا، فقام من السحر في ضراء وسراء} (حسنه الالباني)
{من قام بعشر آيات، لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بالف آية كتب من المقنطرين} (أبو داوود وابن خزيمة وصححه الالباني)
{عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها، فقال عبد الله بن عمير: حدثينا بأعجب شيئ رأيتيه من رسول الله صلى الله عيه وسلم. فبكت، قالت: قام ليلة من الليالي فقال: "يا عائشة، ذريني أتعبد لربي". قالت: قلت: والله اني لأحب قربك، وأحب ما يسرك. قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي، فلم يزل يبكي حتى بل حجره، ثم بكى، فلم يزل يبكي حتى بل الارض، وجاء بلال يؤذن بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً. لقد نزلت عليّ الليلة آيات، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها (ان في خلق السموات والارض...) (آل عمران، 190) (صححه الالباني)
{أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء} (مسلم)
وهكذا دأب السلف.. فكونوا خير خلف!!
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبور. قال يحى بن معاذ: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين. وقال محمد بن المنكدر: ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث: قيام الليل، ولقاء الإخوان، والصلاة في جماعة.
قال محمد بن ابراهيم: رأيت الجنيد في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: طاحت تلك الاشارات، وغابت تلك العبارات، وفنيت العلوم، ونفدت تلك الرسوم، وما نفعنا الا ركيعات كنا نركعها في جوف السحر". الامام البنا: عليكم بسهام القدر: دعاء السحر.
وعن القاسم بن معين قال: قام أبو حنيفة ليلة بهذه الآية (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) يرددها ويبكي، ويتضرع حتى طلع الصبح. قال عروة بن الزبير أتيت عائشة رضي الله عنها يوماً لأسلم عليها فوجدتها تصلي وتقرأ قوله تعالى: (فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم) ترددها وتبكي. وكان الإمام البخاري: يقوم فيتهجد من الليل عند السحر فيقرأ ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال.
وكان الصحابي الجليل عباد بن بشر يحرس جيش المسلمين قائماً يصلي بالليل حتى أصيب بسهمين وهو يقتلع الواحد تلو الآخر وهو ينزف دماً، لكنه يكمل قيامه بالليل حتى أصيب بالسهم الثالث فأيقظ صاحبه وقال: كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن اقطعها حتى أفرغ منها، وأيم الله لولا خوفي من أن أضيع ثغرا من ثغور المسلمين أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لكان قطع النفس أحب اليّ من قطعها.
وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى، ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه. وكان طاوس يثب من على فراشه، ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين!!. وكان علي بن بكّار يلمس فراشه بيده ويقول: "والله انك لطيّب، والله انك لبارد، والله ما علوتك ليلتي، ويصلي حتى الفجر".
وكان التابعي صلة بن أشيم لا يأتي فراشه الا حبواً لشدة القيام. وكانت زوجته معاذة العابدة اذا جاء الليل قالت هذه ليلتي التي أموت فيها. فلا تنام حتى تصبح، واذا جاء البرد لبست الثياب الرقاق حتى يمنعها من النوم. وكانت تقول: "عجبت لعين تنام وقد عرفت طول الرقاد في ظلمة القبور".
الأسباب الميسِّرة لقيام الليل:
1) الإخلاص لله تعالى
2) ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام (قال عبد الواحد بن زيد: "من قوي على بطنه قوي على دينه، ومن قوي على بطنه قوي على الأخلاق الصالحة، ومن لم يعرف مضرَّته في دينه من قبل بطنه فذاك رجل من العابدين أعمى). وقال وهب بن منبه: "ليس من بني آدم أحبّ إلى الشيطان من الأكول النوَّام". وقال سفيان الثوري: "عليكم بقلة الأكل تملكوا قيام الليل")
3) ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل (قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد: إني أبيت معافى، وأحبّ قيام الليل، وأعد طهوري، فما بالي لا أقوم؟ فقال: "ذنوبك قيدتك". وقال رحمه الله: إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وصيام النهار. وقال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار، فأعلم أنك محروم مكبّل، كبلتك خطيئتك. وقال الثوري: "حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته". وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء؟ قال:" لا تعصه بالنهار، وهو يقيمك بين يديه بالليل، فإنَّ وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف")
4) خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل
5) أن يعرف فضل قيام الليل
6) الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه
7) "إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة" "ما من مسلم يبيت على ذكر طاهراً فيتعارّ من الليل ، فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه"
ترك السهر كما قيل في الأثر: "لا سمر بعد العشاء".
سنن القيام:
1) "من تعارّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله سبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قُبلت صلاته" (البخاري)
2) يتسوّك
3) يقرأ الآيات الأخيرة من سورة آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190) حتى يختم السورة ثم يدعو: (اللهم لك الحمد أنت قيّم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق)(اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وأليك أنبت وبك خاصمت واليك حاكمت فأغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنك أنت المقدم وأنت المؤخر لا اله إلا أنت). (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون إهدني لما أختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)
4) ومن السنن ابتداء صلاة الليل بركعتين خفيفتين، وأفضل عدد لصلاة الليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة مع طول القيام
وادعوا الله ... فلعلك تصب اسم الله الأعظم:
اللهم إني أسألك بأنك أنت الله وأنت الرحمن، أسألك بأسمائك الحسنى وبصفاتك العلى وباسمك الأعظم، وبأنك أنت العلي الأعلى الوهاب، وبأن لك الحمد أنت الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد، يا حنان يا منان يا بديع السموات والارض يا ذا الجلال والاكرام (ثلاثا) يا حي يا قيوم (ثلاثا) لا اله الا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين (وألهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم) (الم، الله لا اله الا هو الحي القيوم)
واستشعر الشعر...
بسطت كف الرجا والناس قـد رقـدوا *** وبت أشكو إلى مولاي ما أجـد
فقلت: يا أمـلى في كـل نائـبـة *** ومن عليه بكشف الضر أعتـمـد
أشكوا إليك أمـوراً أنت تعلمهـا *** مـا لي على حملها صبـر ولا جلـد
وقد مـددت يدي بالـذل مبتهـلا *** إليك يا خيـر من مدت إليه يـد
فـلا تـردنـها يـا رب خائـبة *** فـبحر جودك يروي كل من يـرد